ساحرة هذه الرواية، وقدرة رضوى عاشور مذهلة على الحفاظ على نفس الروح على مدى فصول الرواية ومراحلها رغم تبدل الشخصيات والأجيال والأماكن، يشدني دائمًا تناول التاريخ من وجهة نظر عامة الناس أكثر من التناول “الرسمي” الذي لا يعنيه إلا سيرة الملوك والساسة، التاريخ هنا أكثر صدقًا وعمقًا.
يلف الرواية من الصفحة الأولى إلى الأخيرة جو ملحوظ من الشجن وقلة الحيلة والتشبث بأمل (أو وهم) المساندة والمدد المنتظرين من الإخوة في مصر والشام والمغرب والأناضول، ورغم أن هذه المساندة لا تأتي أبدًا إلا أن الأمل يعيش مع الأجيال المتعاقبة، ربما كان في ذلك إسقاط على قضية فلسطين وربما أنا الذي فهمته على هذا النحو.
كذلك يبدو جليًا علامات الشك وتزعزع الإيمان بالله مع توالي الضربات الموجعة عبر الأجيال فمع الظروف شديدة القسوة التي عاشت فيها الشخصيات تخفي دينها بينما تضطر للتنصر في العلن، انزلقت أكثر من شخصية إلى الشك في قدرة الخالق سبحانه وتعالى أو في جدوى التمسك بالإيمان بل وحتى في احتمال تخلي الخالق سبحانه وتعالى عنهم، وتفسر الرواية كذلك كيف ذابت الهوية تدريجيًا مع الأجيال من التنصر الشكلي إلى تغيير الأسماء والملابس وحظر العادات الإسلامية إلى توجيه التعليم نحو الهوية الجديدة حتى تصبح الهوية الأصلية مجرد أساطير لا يتوقف أمامها أحد ولا يفتخر بها.