القصة وما فيها اني انتهيت من قراءة كتاب Tweets From Tahrir من أيام قليلة، الكتاب ممتع ومؤثر لأقصى درجة، بيحكي قصة الـ18 يوم من خلال التويتس الحقيقية اللي كتبها شهود عيان لكل حاجة لحظة وقوعها، لكنه بينتهي يوم 12 فبراير، اليوم اللي نزل فيه المصريين لتنظيف الميادين بعد تنحي مبارك في الليلة السابقة، هنا قارنت – غصب عني – بين حال مصر يوم 12 فبراير وحالها بعد 7 شهور من التنحي، حسيت ان الكتاب بيتكلم عن ثورة تانية وشعب تاني، مصر النهاردة أبعد ما تكون عن ما كانت عليه يوم 12 فبراير، فين لمعة الانتصار في عيون الناس؟ فين ابتسامة الأمل والثقة في المستقبل؟ فين شحنة الوطنية الجارفة اللي كنا بنلاحظها بسهولة في نبرة صوت كل مصري؟ شوف كده التعبيرات اللي على وجوه الناس في الصورة وقارنها بوجوه الناس في أي شارع في مصر النهاردة.
للأسف المصريين الآن في حالة يأس وسخط وإحباط ربما أكبر من قبل الثورة، قبل الثورة كان معظم الناس راضيين بالأمر الواقع وبيربوا العيال وخلاص، مفيش طموح ومفيش أمل في انصلاح أحوال البلد السياسية والاقتصادية، لكن بعد ما المصريين نزلوا الشارع وأسقطوا مبارك وشموا نسيم الحرية لأول مرة ارتفع سقف طموحاتهم بشكل غير مسبوق، اللي كان بيخاف يعدي قدام القسم بقى بينزل مظاهرات ضد الداخلية وبيشارك في حصار مديرية الأمن، اللي كان بيخاف يتكلم في السياسة بقى بينتقد أكبر راس في البلد جهاراً نهاراً، اللي عمره ما صوت في أي انتخابات ولا حتى شارك في مجلس إدارة العمارة نزل يشارك في تأسيس حزب سياسي وانخرط في العمل الحزبي والسياسي .. عشان كده الإحباط دلوقتي أكبر من قبل الثورة .. زمان مكانش في أمل وكنا عايشين .. لكن لما الأمل ييجي وتعيش فيه فترة وبعدين يروح هتحس بيأس مضاعف.
طب مين السبب؟ المجلس العسكري؟ الحكومة؟ الفلول؟ الأصوليين (الإخوان والسلفيين)؟ جايز كل دول يتحملوا فعلاً بعض المسئولية .. لكن بالنسبة لنا احنا .. شباب الثورة .. النخبة المثقفة .. ملايكة بجناحات؟ معملناش حاجة غلط خالص؟ بالعكس .. أعتقد اننا عملنا كتير ونتحمل الجزء الأكبر من المسئولية .. خد عندك:
– لما اتعاملنا مع الأصوليين بتعالي وسخرنا منهم بينما هما بيشتغلوا في وسط الناس في الشارع واحنا قاعدين نقول نظريات ونكلم بعض على فيس بوك وتويتر.
– لما توهمنا ان الشعب كله معانا .. حسب التويتس اللي في الكتاب أول مليونية حصلت في الثورة كانت يوم 1 فبراير وبعدها مليونية تانية يوم 8 فبراير بعد ظهور وائل غنيم واستمرت الأعداد كبيرة حتى التنحي، المبالغات اللي وصلت لـ20 مليون خلتنا نعتقد ان الشعب كله بقى ثوري وده غير صحيح، الدعوات المتكررة لمليونيات بمسميات مختلفة أصبحت محل سخرية وتندر من الشارع وبالتالي فقد ميدان التحرير تأثيره وفقد الثوار مساندة الشارع بالتدريج.
– لما معرفناش امتى نوقف الثورة – ولو مؤقتاً – ونشتغل سياسة .. الجماعات الإرهابية التكفيرية والسلفيين والصوفيين – وكلهم كانوا بعيدين كل البعد عن السياسة حتى منتصف الثورة – أسسوا أحزاب سياسية وبدأوا يستعدوا للانتخابات في الوقت اللي كنا فيه معتصمين في خيام وعددنا بالعشرات ومصممين نصعد ونقفل الطريق عشان نوصل مطالبنا بينما في الحقيقة كنا بنستفز الناس وبنشتري عداوتهم للثورة وللثوار .. الناس بتتحمس للمطالب وبعدين تفاجأ بالفوضى .. لأن كل هدفنا بيبقى الحشد فقط بدون توافق على المطالب أو الآليات .. فطبيعي جداً تلاقي اللي بيقتحم سفارة واللي بيهد سور واللي بيقفل مجمع التحرير واللي بيفجر خط غاز واللي بيحدف طوب على قاعدة عسكرية .. الفوضى مش هي الحل.
– لما شخصية سياسية مهما كانت محترمة ماتقدرش تقنع 5000 شخص من 85 مليون – يعني مواطن واحد من كل 17 ألف مصري – انهم يعملوا توكيل لتأسيس حزب .. يبقى مفيش داعي ان الشخصية دي تستمر في العمل السياسي أو على الأقل مفيش داعي تستمر بنفس الأسلوب.
– لما القوى السياسية تقرر ان الشعب قاصر وساذج وهينضحك عليه – سواء بالفلوس أو بالدين – فيعملوا قائمة موحدة ياخدوا بيها البرلمان كله ويقسموا المقاعد ما بينهم بالتراضي يبقى كان لازمته إيه الانتخابات والديمقراطية من الأساس؟ وازاي عايزين الشعب يتحمس وينزل يشارك في انتخابات صوته فيها بلا تأثير؟ وازاي كنتوا زعلانين وبتعايروا الشعب انه سلبي ويائس؟
– لما الأحزاب السياسية الجديدة المولودة من رحم الثورة وعلى أكتاف الشباب تتسول مرشحين “مستعملين” أصحاب خبرة وشعبية وفلوس عشان ترشحهم في البرلمان يبقى الثورة عملت لنا إيه؟ لما سن الترشح ينزل لـ25 سنة ومع ذلك كل الأحزاب بتدور على مرشحين فوق الستين يبقى الشباب هياخدوا فرصتهم إمتى؟ والناس اللي صدقت الشباب ونزلت وراهم في الشوارع لأول مرة لغاية ما أسقطوا مبارك هيكون إحساسهم إيه لما ما يلاقوش الشباب دول في البرلمان وفي مواقع المسئولية؟
أنا شخصياً على حافة الإحباط .. بقاوم اليأس بقدر ما أستطيع .. لكن أخشى من يأس الناس لأنه هيكون أسوء من أيام ما قبل الثورة .. الناس مش مهتمة بالمناظرات السياسية والتحالفات الحزبية .. الناس عايزة حد يكلمها في مشاكلها اليومية ويكون عنده حلول حقيقية وآلية لتنفيذها .. مش شعارات دينية ولا شعارات أيديولوجية.
ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد.