أجمل ما قرأت منذ فترة ليست قصيرة، نضج عمر طاهر كثيرًا وصُقلت موهبته وشخصيته المميزة، هو موهوب بالفطرة وصاحب بصمة غير مكررة، ولكنه هنا يخطو إلى مرحلة أكثر جديةً ونضجًا، ما زال أسلوبه رشيقًا وبسيطًا ولكنه خرج من خانة الكتابات الساخرة الخفيفة إلى عالم الكتب ذات البصمة التي تبقى ذكراها معك لسنين وتعود إليها كل فترة لتستعيد التجارب الممتعة التي تأخذك إليها.
عمر طاهر من جيلي وفي مثل عمري تقريبًا، ولذلك تأتي كلماته “على الجرح” تمامًا، أفهم ما يريد قوله وأشاركه الكثير من التجارب والذكريات، أعجبني مثلًا ملحوظته الذكية عن الفارق بين متابعتنا لتجربتي عمرو دياب ومحمد منير، ما تحدث عنه هو ما حدث معي بالضبط.
فكرة الكتاب مبتكرة ومبدعة، لم أقرأ شيئًا مماثلًا من قبل، ليست نقدًا فنيًا للأغاني التي اختارها الكاتب دون أن يكون بينها أي رابط منطقي إلا كونها خلفيات لمشاهد من حياة شخص عادي هو بالصدفة الكاتب نفسه – ربما أكثر ما يجذبني في كتابات عمر طاهر هو تصويره لنفسه دائمًا باعتباره شخصًا عاديًا – كما لكل منا أغاني نتذكرها كخلفيات لمشاهد من حياتنا، عالم خاص يدور في فلك كل أغنية، أشخاص وبلدان وأحداث بل وروائح تتقافز أمامك وتكاد تلمسها بمجرد أن تستمع إلى أغنية ما، بل بمجرد أن تتذكرها فقط!
شكرًا لك يا عمر على هذه الجولة السياحية في أعماق الوجدان، شكرًا على إزالة الصدأ من فوق أقفال صناديق الذكريات، وشكرًا على تعريفي بأحمد فكرون الذي لم أكن قد سمعت به وأستغرب مثلك كيف وصلت أغنياته إلى مراهق في أعماق الصعيد في ذلك الزمن!
6557 Total Views 3 Views Today