على عكس الشائع لا يعجبني أسلوب د. يوسف زيدان في الكتابة مع تقديري الشديد لشجاعته في تحدي الخرافات والتلفيق وفي خوض معارك فكرية شرسة ضد قوى تقليدية رجعية تستند إلى الشعبية (أو الشعبوية) وتستقوي بها إلا أنه يستفزني في كتاباته نقطتان:
1. شخصنة الأمور وإقحام المعارك الشخصية في الكتابة العلمية مثل الصفحات الطويلة التي أفردها لتفاصيل معركته مع القساوسة حول رواية “عزازيل” التي ليست من صميم الكتاب أصلًا ثم تفنيده لتفنيدهم للرواية ورده على ردودهم عليها، شتت هذا الجدل الشخصي الكثير من تركيز الكاتب على الموضوع الأصلي الذي أراد الكتابة عنه، يمكن أن أقبل هذا السجال في موضعه الأصلي ضمن مقالات صحفية مرتبطة بوقت الواقعة، اما أن يقحمها الكاتب في عمل فكري ذو عنوان مختلف وبعد عامين من الواقعة فذلك غير مقبول من أكاديمي مخضرم، استغربت كذلك إهمال الكاتب في مراجعة الكتاب بتأني لتحويل سلاسل المقالات الصحفية إلى كتاب متماسك ومتكامل، فالكثير من الأفكار مكررة مثل موضوع فتح عمرو بن العاص لمصر بعدد قليل من المحاربين الذي تكرر في كل الفصول تقريبًا.
2. الأسلوب الأدبي المتكلف والإصرار على إقحام المحسنات البلاغية – وزاد عليها الشعر أيضًا – داخل سياق عمل من المفترض أن هدفه علمي بحت، في أغلب الأحيان تفسد هذه المحاولات متعة العلم الذي تزخر به كتابات د. يوسف زيدان وتقلل من قيمته.
الكتاب بلا شك عمل مهم يفند الكثير من الأوهام – أو متاهات الوهم – التي تملأ عقولنا في العالم العربي عن التاريخ الناصع الزاخر برجال أنقياء كالملائكة (نحن) لا يخطئون ولا يذنبون أبدًا وشياطين شريرة (الآخرون) تظلمنا وتبطش بنا وتتآمر علينا طول الوقت ولكننا ننتصر عليها في النهاية دون سبب مفهوم! يصفعنا د. يوسف زيدان بالحقيقة في كثير من الأحيان (مثل حقيقة فتح مصر وحقيقة التاريخ الأندلسي) ويكشف لنا الوجه الذي لم يرد السابقون لنا أن نعرفه فنكتشف أننا مثل الآخرين نصيب ونخطئ وفينا طيبون وأشرار وليس في تاريخنا أبطال خارقون منزلين من السماء.
نقطة جانبية: طباعة الكتاب رديئة وبعض الصفحات في نسختي ممسوحة، يجب أن تحرص دار نشر كبيرة مثل الشروق على مراقبة الجودة كما تحرص على رفع أسعار الكتب.